صحافة العار !
جمال سلطان : بتاريخ 3 - 1 - 2009
كمواطن مصري أشعر بالعار مما فعلته صحيفة أخبار اليوم المصرية أمس في حملتها المتدنية على قناة الجزيرة القطرية ، وأنا لا أعرف من الذي سمح لصحيفة قومية ، يعني من الآخر حكومية ، أن تشوه وجه الصحافة المصرية بهذا الشكل ، لقد كنت أتصور أنه عفا الزمن على تلك الأساليب الخرقاء في تصفية الخصومات بين النظم السياسية ، كنت أتصور أن زمن الحديث عن "سلطانية" الزعيم الفلاني قد ولى ، ولكن أخبار اليوم أمس أثبتت أن بعض الصحافة القومية ما زالت تعيش في عصور الظلام المهني الحقيقية ، باللغة شديدة الإسفاف التي استخدمتها والتي تتنزه عنها حتى صحف "بير السلم "، هذا الكلام لا يعني بأي حال الدفاع عن السياسة القطرية أو حتى عن قناة الجزيرة ، فتلك وجهة أخرى ، والعرب جميعا مدانون فيما يحدث تجاه محنة غزة ، بدون استثناء ، ولكن القضية هي في أخلاق الخلاف ، في الفجور في الخصومة ، يمكن أن تدافع عن سياسة بلادك وأن تدين سياسات الآخرين ولكن هناك مستويات من الأخلاق ومن الذكاء المهني أيضا لإدارة هذا الخلاف ، ثم إنه ما معنى الهجوم على قناة الجزيرة تحديدا الآن ، هل لأنها تغمز في تقاريرها من الموقف المصري خاصة ما يحدث على المعابر ، هل هذا يعني أن تتحدث صحيفة "محترمة" أو المفترض أن تكون كذلك عن مذيع العربية الذي كان يعمل مؤذنا ثم ساقته الصدف إلى الشاشة ، والمذيعة التي كانت على علاقة خاصة مع فلان وتركت زوجها ... إلى آخر هذا الهراء ، هل هذه لغة يمكن أن يحترمها أحد ، في الداخل أو الخارج على حد سواء ، الجزيرة قناة قطرية ، هذا واضح ، لكنهم يحرصون على منحها سقفا أعلى من الحرية حتى يكون لها مصداقية ، وبغير ذلك كانت ستتحول إلى قناة محلية لا يتابعها أحد ولا حتى القطريين أنفسهم ، والعقل الذي أنشأ الجزيرة ورعاها أدرك ذلك جيدا ، ومن الطبيعي ومن المفهوم أن توظف الدوحة مساحة من قناة الجزيرة لخدمة سياساتها أو حتى في الغمز واللمز هنا وهناك ، فالذي يدفع للزمار من حقه أن يسمع اللحن الذي يعجبه ، ولكن هذا الهامش الذي يستخدم هناك في تصفية الحسابات السياسية محدود جدا ، كما أنه يمارس بشكل احترافي ومهني وذكي وغير مسف ، لذلك ينجح وتصل الرسالة القطرية من أقصر الطرق ، بينما الشتائم والردح والإسفاف الذي يمارسه البعض هنا في القاهرة ، التي كانت ـ سابقا ـ رائدة الإعلام العربي ، هذا الذي يمارس لا يكسب أي مصداقية ، بل ويأتي بنتائج عكسية تماما تزيد الإهانة للموقف المصري وتوسع من دائرة المحتقرين له ، إذا كان هذا هو إعلامه وهذه هي الرسائل التي يوجهها ، إن ما حدث يكشف عن هوان الإعلام المصري وتدني مستواه بفعل السياسات الإعلامية الرسمية التي تعتمد على "الولاء الأمني" الصارم لاختيار القيادات الإعلامية ، بل إن "العقلية الأمنية"العتيقة ـ صفوت الشريف ـ ما زال رأيه هو الحاسم في اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية أو رؤساء مجالس الإدارات ، وعادة يأتي بالأسوأ في كل الأحوال ، كما أنه هو المفوض تقريبا بشكل كامل بالملف الإعلامي الرسمي حتى الآن ،فمن الطبيعي أن يفرز لنا هذا الهراء والتدني الذي يحدث في صحيفة بعراقة وتاريخ أخبار اليوم ، لقد شاخت الصحافة القومية المصرية مثلما شاخت أمور كثيرة في مصر وأصابها الترهل والخرف .gamal@almesryoon.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق