09 يناير، 2009

الإعلام الرسمي المصري وحروب تسلية أوقات الفراغ!



الإعلام الرسمي المصري وحروب تسلية أوقات الفراغ!
سليم عزوز

10/01/2009
'يا عيب الشوم' كما يقول إخواننا في بلاد الشام، وأقولها عندما أشاهد الإعلام المصري الرسمي وقد 'تحزم' لفتح النار على 'الجزيرة'، والتي مهما كان قدرها، فهي ليست قوي عظمي، ولكنها مجرد محطة تلفزيونية لا أكثر!مصر بكل تاريخها، ومكانتها، ودورها الذي كان، تقف في هذه الأيام المباركة 'متحزمة' وهي تواجه فضائية 'الجزيرة'، حتى ليظن المتابع أنها معركة 'داحس والغبراء' قرر أهل الحكم في مصر أن يخوضوها دفاعا عن الشرف الرفيع، الذي لا يسلم من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم، مع أن المعارك قائمة، ولا يحتاج الأمر إلى اختلاق معارك لتسلية أوقات الفراغ!يقولون ان 'الجزيرة' تسعى للإساءة لمصر، وبحثت عن الإساءة ولم أجدها، وكل ما فعلته الفضائية المذكورة أنها سلطت الأضواء على الإجرام ضد غزة، وأظن، وأرجو ان يصحح لي أولو الأمر منا إذا أخطأت، أن هذا الإجرام تقوم به إسرائيل!'الجزيرة' قالت ان مصر تحفظت على عقد القمة العربية لبحث الاعتداء الغاشم، ولم تكن وهي تقول ذلك تفتري علينا بغير الحق، وإنما كانت في منزلة الناقل، وقد ورد في الأثر ان ناقل الكفر ليس بكافر. وبالمناسبة لماذا تحفظ القوم على عقد القمة العربية؟!قالوا أن قطر تريد ان تستولي على الدور المصري بواسطة الجزيرة، وتحولت دعوة الأمير القطري لعقد قمة عربية إلى جريمة، لأنه يزاحم مصر في دورها ومكانتها، وهو أمر عجيب، ذلك لان مصر تنازلت عن هذا الدور، وعن تلك المكانة طواعية، بل وضحت بها، وارتفعت أصوات 'المحاريس' اعضاء لجنة السياسات ـ جمع محروس ـ رافعة شعار 'مصر أولا'، وربما 'مصر أولا وأخيرا'، وبالتالي فلا يلام من يجد فراغا تمدد فيه، مع ان 'الجزيرة' في تغطيتها تريد من مصر أن تقوم بدورها!حرب ضروس يا قراء ضد 'الجزيرة' وأصحابها يقوم بها الإعلام المصري الرسمي، لو قام بها ضد المعتدين الصهاينة، لما سأل احد عن الدور المصري الغائب في القضية الفلسطينية، والذي انتقل من دور الوسيط، إلى الدور المنحاز لجانب إسرائيل. وقد لفت محمد حسنين هيكل في مقابلته مع 'الجزيرة' الأنظار إلى ما صرح به 'ساركوزي' ونقلته عنه الصحافة الإسرائيلية من ان مصر حملته رسالة إلى الصديق 'اولمرت' مفادها أنها لا تريد لحركة حماس ان تنتصر في هذه المعركة. ومما يؤسف له ان مصر الرسمية لم تغضب لهذه الفضيحة، ولكنها غاضبة على قناة 'الجزيرة'، وعلي أصحابها الذين يريدون أن ينافسوا مصر على الزعامة!قبل سنوات كان هناك مبرر لهذا الهجوم على 'الجزيرة' وأصحابها، ذلك بأن وزير الإعلام المفدي الرائد متقاعد صفوت الشريف كان يخوض معركة شخصية بعد أن كشفت الفضائية المذكورة ضعف إعلامه وعجزه عن المنافسة، وبعد ان جعلته 'الجزيرة' مسخرة من العيار الثقيل، فكان يعتبر نفسه هو 'المهزوم' في المعركة، كما ان القوم كانوا يخوضون معركة بالوكالة لصالح المملكة العربية السعودية في هذا الشأن، وجماعتنا على استعداد لان يرشوا بالنار من يرش حكام المملكة بالماء!لكن الدنيا تغيرت الآن، فوزير الإعلام المصري الحالي 'نقاوة' أهل البيت، ليس مشغولا بالمنافسة، او معنيا بالريادة الإعلامية.. هو رجل لم يصدق حتى الآن انه أصبح وزيرا للإعلام، ولم اصدق أنا، ولو أقسم على الماء فتجمد. انه من وزراء الصدفة بامتياز. فضلا عن ان العلاقة بالسعودية لم تعد كما كانت، فالملك عبد الله ليس كالملك فهد، والمصالحة تمت بين قطر والسعودية!لكن على ما يبدو ان الإعلام المصري الرسمي يريد أن يفتعل مشاكل جانبية، حتى يغطي على قصور الموقف الرسمي المصري من الإجرام الإسرائيلي، وهو قصور جعل سيرتنا على كل لسان.ومهما يكن الأمر فلا يليق بمصر أن 'تتحزم' لتخوض معركة ضد فضائية، ولو كانت في حجم قناة 'الجزيرة'، فهذا عيب ورب الكعبة.مفكر لجنة السياساتاختفى جمال مبارك في أحداث غزة، وظهر رجاله، والذين يكفي ظهورهم بجواره لينفض الناس من حوله، ولو كان يوزع خبزا بالمجان!ولهذا يكفي أن يتحدث جهاد عودة احد قيادات لجنة السياسات لتنخفض شعبية الحزب الحاكم، وعموم الأحزاب الحاكمة في الوطن العربي!' الجزيرة' تستضيف جهاد عودة كثيرا، يبدو أنها بذلك تتآمر على الدور المصري. وجهاد يبني استراتيجيته في الرد على مقاطعة المذيع او المذيعة، فينطلق مهاجما قطر.. ومنذ فترة استضافته خديجة بن قنة في برنامج 'ما وراء الخبر'، وقاطعته لتسأله فهاج وماج، لهذه المقاطعة التي تستهدف وقف الدرر المنسابة من فمه الشريف، وقلت في عقل بالي: ثكلتك أمك، وهل يعامل عاقل رشيد بن قنة بهذه العجرفة؟!ومؤخرا استضافت 'الجزيرة' المذكور من القاهرة، ليوضح الدور المصري الرائد من الحرب على غزة، وبدا محتشدا و'هرتل'، فهناك فرق بين الموقف الشعبي المصري والموقف السياسي المصري.. انظر إلى العبقرية في التمييز!وأضاف: الموقف الشعبي المصري يعبر عنه الرئيس مبارك، أما الموقف السياسي المصري فتعبر عنه القوى السياسية المعارضة للنظام المصري!وقاطعه محمد كريشان: لا يوجد هناك شيءاسمه الموقف السياسي والموقف الشعبي، فثار مفكر لجنة السياسات، فمصر ليست قطر، فالأمور عندنا متشابكة، لأنها بلد به 77 مليون نسمة، وقاطعته ليلى الشايب: نحن هنا في قناة 'الجزيرة'، وحمدت الله انه لم يسمعها، ويبدو ان ليلى وكريشان اتفقا بعد ذلك على ألا يحققا له هدفه، ففي كل مرة يبني استراتيجيته في الرد على المقاطعة لينطلق منها مهاجما 'الجزيرة' وأصحابها، ويتعامل مع المقاطعة على أنها بهدف منعه من ان يفحم القوم!انتهي المذكور من رده الذي كان عبارة عن (لت وفت) حول الموقف السياسي المصري والموقف الشعبي المصري الذي يعبر عنه الرئيس مبارك، وسكت مندهشا لعدم مقاطعته، فلما تمت مواجهته بالصمت، أضاف عبارة، وعاد صامتا مندهشا، ولسان حاله يقول: لماذا لم تقاطعوني؟، وتركوه على الشاشة متمددا فيها وهو في حالته سالفة الوصف، قبل ان يقول كريشان: 'الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، وعضو لجنة السياسات، كنت معنا من القاهرة شكرا جزيلا لك'.اعتقد أن هذا هو التصرف اللائق في التعامل مع المذكور، يتم سؤاله وتركه حتى ينتهي من الكلام بدون مقاطعة، وأتمنى استضافته قبل الأكل وبعده، ففي هذا دعوة للناس لان (يطفشوا) من مصر في حال فرض جمال مبارك رئيسا.ربات البيوتفي أحداث غزة، اسعى في مناكبها، من فضائية إلى أخرى، ثم أعود للجزيرة مستقرا، ولا يمنع هذا من ان هناك فضائيات أخرى أبلت بلاء حسنا في تغطية وقائع الحرب المجرمة على أهلنا في غزة، فهناك 'العالم' و 'المنار'، وأيضا الـ 'بي بي سي'، والتي وان كانت تسعى لان تتمسك بالحياد، إلا أنها تشارك في كشف الإجرام الإسرائيلي.. و قد راعني ان الـ 'بي بي سي' العربية ترفع شعار 'الشاطرة تغزل برجل حمار'، فعلى الرغم من ان إمكانياتها، في حجم إمكانيات تلفزيون الصومال الشقيق، الا انها في أحداث غزة تسعى للمنافسة!راعني منذ البداية ان ثلاثة من 'الجزيرة' تبادلوا على رفح المصرية منذ البداية: سمير عمر، فحسين عبد الغني، فالبلك، في حين أن مراسل الفضائية البريطانية 'معوض جودة' لم يتغير، وبدت تقاريره ملمة بالموقف برمته!ليس هذا موضوعنا، ففي رحلة عودتي 'للجزيرة' أخذتني سنة من النوم، واستيقظت من النوم على صوت نسائي 'يطجن'، ظننت انه صوت واحدة من 'ربات البيوت'.. لا بأس، فـ 'الجزيرة' تستضيف احيانا مواطنات من غزة ليروين جانبا من الإجرام الواقع عليهن.. لكن هذه من مصر، وقد اكتشفت انه صوت لأستاذة في العلوم السياسية بجامعة القاهرة .. لا اعرف ما هو سر الوضع البائس لأساتذة العلوم السياسية؟.. لكن من الواضح ان 'الجزيرة' تستضيف عينة مختارة لتسيء للدور المصري الرائد، وربما لترد عمليا على فيلمها التسجيلي عن جامعة القاهرة بمناسبة مئة عام على إنشائها، لاسيما قول الدكتورة عواطف عبد الرحمن من ان هذه الجامعة هي الجامعة الام لكل الجامعات العربية.الدكتورة بصوت ربات البيوت قالت ان الشعب المصري يفرق بين 'شعب غزة' وحركة حماس، وقالت بثقة ربات البيوت أيضا انه لا توجد هوة بين الموقف الرسمي والشعب المصري، وان تصريحات حسن نصر الله أثارت غضب الشعب المصري، وان الشارع المصري 'العادي' يعبر عن الموقف الرسمي.. اكتشفت الآن انني من الشارع المصري 'الملون'، لان الموقف الرسمي لا يعبر عني! في مصر يوجد أساتذة للعلوم السياسية يمكن أن ينحازوا للموقف الرسمي لكن تعبيرهم عنه لن يكون على طريقة ربات البيوت، وأتمنى على القوم في 'الجزيرة' ألا تكون العينة المختارة دائما من أساتذة الجامعات المصرية على هذا المستوى، والا سأنضم إلى من يقولون ان 'الجزيرة' تسعى لسحب الريادة من مصر.أرض ـ جوـ حسين عبد الغني أمتعنا بحواره مع محمد حسنين هيكل، على غير ما توقعت فقد خشيت ان يسيطر عليه الإعجاب بالأستاذ إلى حد ان يجلس أمامه مستمعا. حسين ناصري والناصريون ينظرون للأستاذ على انه فيه من رائحة الحبايب.ـ يوم الأربعاء الماضي كنت رهين المحبسين البيت والتلفزيون، وقد شاهدت خديجة بن قنة وجمانة نمور في يوم واحد، هذا مما خفف علينا نوائب الدهر.ـ في أحداث غزة استعانت 'الجزيرة' بمراسل جديد هو 'تامر الحاج'، كما استعانت الـ 'بي بي سي' بمعوض جودة.. وقد اثبتا جدارتهما بالعمل التلفزيوني أتمنى ألا يكون مصيرهما كمصير كاتيا ناصر التي أبدعت في تغطية الحرب على لبنان ثم انتقلت لتقف خلف الكاميرا من جديد، عقابا لها على تميزها.ـ بينما الأطفال في غزة لم يسلموا من المجازر الإسرائيلية إذا بتلفزيون الريادة الإعلامية يذيع أغان راقصة في برنامج 'صباح الخير يا مصر'. اذا لم تستح فاصنع ما شئت.' صحافي من مصرazouz1966@gmail.com

ليست هناك تعليقات: